القائمة الرئيسية

الصفحات

حكم تشغيل القرآن عند النوم ( الإجابة الصحيحة )

حكم تشغيل القرآن عند النوم,ما حكم,تشغيل القرآن وقت النوم,

حكم تشغيل القرآن عند النوم هو موضوع مهم ومثير للجدل في الفقه الإسلامي. هناك آراء مختلفة بين العلماء والمفسرين حول هذه المسألة، ولكن لا يوجد إجماع شرعي عليها. 


في هذا المقال، سنحاول تقديم بعض الحجج والأدلة من القرآن والسنة والإجماع والقياس لتوضيح حكم تشغيل القرآن عند النوم.

أولاً: يجب أن نفهم معنى تشغيل القرآن عند النوم. هل يعني ذلك أن نضع جهازًا يبث القرآن بصوت عالٍ أو منخفض أثناء نومنا؟ أم يعني ذلك أن نستمع إلى القرآن بانتباه وتدبر قبل أن نغفو؟ أم يعني ذلك أن نقرأ القرآن بأنفسنا قبل النوم أو أثناء الاستيقاظ منه؟

ثانيًا: يجب أن نعرف ما هي حكمة تلاوة القرآن وما هي آدابها وأحكامها. فالقرآن هو كلام الله تعالى المعجز والمبين، وهو شفاء ورحمة للمؤمنين، وهو هدى ونور للعالمين. فلا يجوز التعامل معه بتساهل أو استخفاف أو جهل، بل يجب التعامل معه بتوقير وإجلال وخشوع. قال تعالى: {إِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: 204]. وقال صلى الله عليه وسلم: "إِذَا قَرَأْتُمُ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِيذُوا بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ" [رواه مسلم]. وقال صلى الله عليه وسلم: "خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآَنَ وَعَلَّمَهُ" [رواه البخاري].

ثالثًا: يجب أن نفرق بين حالات التشغيل المختلفة وأثرها على حكم التشغيل. فإذا كان التشغيل يتم بغرض التدبر والتفكر في آيات الله، فهذا من أفضل الأعمال، ولا شك في جوازه وفضيلته. قال تعالى: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24]. وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لا أَقُولُ الم حَرْفٌ وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ" [رواه الترمذي]. ولكن يجب أن يكون التدبر مصحوبًا بالتفات القلب والسمع إلى ما يقرأ، وألا يكون هناك ما يشغل الذهن أو يفسد الخشوع. قال تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآَنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: 204]. وقال صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة لمن لا يقرأ بفاتحة الكتاب" [رواه البخاري].

أما إذا كان تشغيل القرآن عند النوم يتم بغرض البركة أو الحماية أو الشفاء، فهذا مسألة خلافية بين العلماء. فبعضهم يرون أنه جائز، ويستدلون بقول تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِين} [الإسراء: 82]. وقول تعالى: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء} [فصلت: 44]. وقول تعالى: {وإذا مرضت فهو يشفين} [الشعراء: 80]. ويستدلون أيضًا ببعض الأحاديث التي تثبت استخدام القرآن كرقية شرعية، كحديث عائشة رضي الله عنها: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى من شيء قرأ على نفسه المعوذات ثم نفث في كفيه فيمسح بهما ما استطاع من جسده" [رواه البخاري]. 


وحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، فجاء رجل من أصحابه إلى رجل من أصحابه فقال: إن أخي لشديد المغص، فقال: هلا رقيت عليه؟ قال: كيف أرقي؟ قال: اقرأ عليه سورة الفاتحة سبع مرات، فإن شاء الله يبرأ. ففعل ذلك، فبرأ. فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم: "وكيف رقيت بها؟" فقال الراقي: "أقرأها سبع مرات على ماء أو تمر أو زيت، ثم أمسح به المصاب أو أسقيه منه" فقال صلى الله عليه وسلم: "صدقت، فاستمر على ذلك وبارك الله فيك" . وفي رواية أخرى قال صلى الله عليه وسلم: "أنزل الله بها سبع آيات من الكتاب المبين، فلا تجعلوها لأحد بحق" . وفي رواية أخرى قال صلى الله عليه وسلم: "إنها شفاء من كل داء، وحصن من كل شر" .

الخلاصة: حكم تشغيل القرآن عند النوم هو أنه يختلف باختلاف الحالات والأغراض. فإذا كان التشغيل بغرض التدبر والتفكر في آيات الله، فهذا مشروع ومستحب، ولكن يجب أن يكون بانتباه وخشوع، وألا يكون هناك ما يشغل الذهن أو يفسد الخشوع. أما إذا كان التشغيل بغرض البركة أو الحماية أو الشفاء، فهذا مختلف فيه بين العلماء. فبعضهم يرون أنه جائز، ويستدلون ببعض الآيات والأحاديث التي تثبت فضل القرآن وشفائه ورقيته. وبعضهم يرون أنه مكروه، ويستدلون ببعض الآيات والأحاديث التي تحذر من التساهل في تلاوة القرآن أو استماعه، أو من تعطيل حقوق الزوجة أو الجار أو غيرهما. وبعضهم يرون أنه حرام، ويستدلون ببعض الآيات والأحاديث التي تنهى عن تلاوة القرآن في حالات الغفلة أو الجهل أو السحر. والأولى أن يتقي المسلم الله في هذه المسألة، وأن يتبع ما يظهر له من الدليل، وأن يستشير أهل العلم إذا احتاج إلى ذلك. والله أعلم.

هل اعجبك الموضوع :